کد مطلب:187336
شنبه 1 فروردين 1394
آمار بازدید:235
و سلاحه البکاء (32)
الأرض العربیة تهتز تحت حوافر آلاف الخیول و هی تغیر علی المدن فتشتعل المعارك، و یتصاعد دخان الحرائق لیحرق العیون.. كل العیون.
شبت النار فی «عین الوردة» و قد قتل صحابة كانوا حول الرسول و امتد الحریق الی «الموصل» هناك علی شطآن «الخابور» قبل أن یرفد «دجلة» ملحمة یسقط فیها رأس «الأرقط»، و تشب النار فی بطائح الفرات فی ثورة للزنوج ثم تندلع فی الحیرة لتحرق الكوفة و یقاتل المختار وحیدا فی أزقتها و تتقدم زوجته بشجاعة الی لحظة الاعدام لتكون أول امرأة تقتل صبرا فی تاریخ الاسلام.
الكوفة تستسلم لعبد الملك، و الحجاج بن یوسف یشدد الحصار علی مكة و یقصف الكعبة بالمنجنیقات.
الكعبة تحترق مرة اخری و قد سجر الشیطان نیرانه و الجیوش الغازیة تقتحم مكة فیرتفع ابن الزبیر علی أعواد الصلیب.
حتی اذا دخل الخریف و قد مرت سبعة قرون علی میلاد المسیح
[ صفحه 122]
كان عبدالملك قد بسط سطوته علی الأرض الاسلامیة من خراسان الی «قرطاجة».
خیم سلام المقابر فوق الأرض، بعد أن أخمدت الأنفاس فی «دیر الجماجم» لیبدأ عهد جدید.. عهد الارهاب، و قد تسلط وحش كاسر یدعی «الحجاج» علی مشارق الوطن المقهور.
و استیقظت فی الذاكرة أحادیث قدیمة... كلمات نقلها الرواة حول رجل یأتی فی آخر الزمان یحیل سنوات الرماد الی أعوام خصب، و قد ولد الربیع و استیقظت مواسم البذار؛ و البیادر تموج بحب الحصید.
نظر ابن جبیر الی سیماء النبوات تطوف فوق جبین حفید النبی، تفجر نبع حب فی القلب حتی فاضت كلمات:
- انی لأحبك فی الله حبا عظیما.
أطرق ابن النبی ثم رفع رأسه الی السماء و هتف بخشوع:
- اللهم انی أعوذ بك أن أحب فیك و أنت لی مبغض..
و التفت الی سعید و قال:
- و انی لأحبك للذی تحبنی فیه.
خیم صمت حزین و قد اشتعلت مشاهد قانیة فی ذاكرة الرجل الكوفی:
- حدثنی یا سیدی عن المهدی.
أدرك ما یجول فی خاطر رجل مقهور ضاقت علیه الأرض بما
[ صفحه 123]
رحبت و هو یروم العودة الی الكوفة الی حمامات الدم المراق بلا ذنب.
قال سلیل النبوات:
- فی المهدی یا سعید سنة من سبعة أنبیاء من أبینا آدم و من نوح و ابراهیم و موسی و عیسی و أیوب و سنة من محمد... فمن آدم و نوح طول العمر، و من ابراهیم خفاء المیلاد و اعتزال الناس و من موسی الخوف و الغیبة و من عیسی اختلاف الناس فیه و من أیوب الفرج بعد البلاء و من محمد الخروج بالسیف.
أطرق ابن جبیر یتأمل فی ملامح القادم الأخضر... الذی یملأ الأرض قسطا و عدلا فلقد ضجت ظلما و جورا.
غادر سعید أرض الحجاز متوغلا فی الصحراء العراقیة.
ودع عوالم السلام فی مكة و المدینة و دخل الأرض الحزینة التی ما تزال تبحث عن أبنائها و لما تفقد الأمل بعد.
[ صفحه 124]